من القصص التي أعرفها أن شاباً أحب فتاة لمدة 4 سنوات حباً حقيقيا لا لبس فيه ولا شك ، هي أحبته بنفس الطريقة وبكل إخلاص ، لا يذكر زملاؤهم في الجامعة أي موقف بدر منه أو منها يشير إلى أن هذه مجرد علاقة جامعية وبعدها ينتهي الأمر كغيره من حب " الأربع سنوات" المنتشر في الجامعات.
انتهت الجامعة ... قرر الشاب أن يخطب الفتاة وهي وافقت بكل سرور طبعاً ، لكن بعد يومين فقط من زيارته لهم وقراءة الفاتحة ، اتصلت به وصوتها يرجف وقالت له " لا أعرف ما الذي جرى .. لم أعد أريدك!" ، ذهب لزيارة أهلها وأقسم له الجميع بعدم وجود شيء سوى أنها تقول منذ الصباح " لم تعد تشعر أنها تحبك" وأعطها وقتاً فقط ولا تجيب طلبها بإنهاء الأمور الآن.
واصل الشب الضغط على فتاته من أجل تغيير وجهة نظرها لكنها أصرت على موقفها لأسابيع رغم اتصالاته الكثيرة معها ... انتهى الأمر في النهاية بأن انفصلا وتزوج كلاهما بعد 3 أعوام تقريباً من تلك الحادثة.
أم الفتاة أعادت الأمر للحسد والعين وحاولت علاج ابنتها كثيراً في تلك الفترة قبل الانفصال بلا جدوى ، وأم الشاب كانت تصر على فرضية السوء بأن عريسا أفضل من ابنها من ناحية مادية تقدم للفتاة ولكن في النهاية وبعد 3 سنوات أيقنت أن الفرضية خاطئة لأن الفتاة تزوجت من أحد أقربائها وبحال عادية جداً.
تلك القصة تحدث بين العشاق وفجأة يختفي الحب ...
تلك القصة تحدث بين الزوج وزوجته وفجأة يختفي الحب...
وتلك القصة تحدث بين الخطيبين أيضاً وفجأة يختفي الحب....
كنت في ذلك العمر شاباً متخرجاً حديثاً من الجامعة أي أن خبرتي كانت محدودة في الحياة ، لكن كانت لي زميلة وهي صديقة لتلك الفتاة تردد على مسامعي بخصوص تلك المشكلة جملة " نفرت القلوب فانتهى الأمر" ، ولأنني كنت أدرس الهندسة كنت أشعر أنها تتحدث عن شحنات كهربائية تتنافر فتبتعد ، بعد ذلك بفترة تفاجأت أن هناك فرضية تتعلق بأن الحب مجرد موجات كهرومغناطيسية يتم تفسيرها من قبل الدماغ وإرسالها منه مما يعني أن كلمة تنافر قد لا تكون مجرد صدفة ، لكن بالتأكيد ما حدث مع ذلك الشاب والفتاة لم يكن درساً في الفيزياء.
منذ أطلقنا مشروع "الرجل والمرأة" في تأملات وأنا مصمم أن أكتب هذه القصة لأن فيها خيطاً رفيعاً لو فهمناه سينقذ الكثير من الأسر والعلاقات الصادقة، فظاهرة نفور القلوب هذه حسب فهمي تأتي من حجم المخاوف المستقبلية لدى أحد الأطراف وحجم التركيز على السلبيات في فترة من الفترات فتنتج تلك الظاهرة ، يتوقف الحب فجأة بعدها ولا يعود هناك أي شعور بالانجذاب للأخر ، وفي أفضل الحالات وعند المصارحة بما يشعر به أحد الأطراف يلجأ الطرف الأخر للضغط من أجل إقناعه بأنه يستطيع أن يكون الأفضل ، هذا الضغط هو النقطة القاتلة لكل شيء لأنه يزيد من الضغوطات فتنهار العلاقة تحت هديره تماماً كما حصل مع صاحب قصتنا.
ما يميز ظاهرة نفور القلوب ونستدل على وجودها من خلاله أن لا سبب واضح لها لدى صاحبها ، هي مختلفة عن ظاهرة نفور طرف من أخر بسبب إهماله أو بسبب خيانته إلى ما غير ذلك ، فلا سبب لها يصرح به النافر كي يتم علاجه..هي عادة كما قلنا تكون ناتجة عن تفكير مضخم بالسلبيات أو خوف من المستقبل وخسارة اشياء من الحاضر ، هي لو وجدت لا بد من معاملة خاصة معها وهناك نصائح منها:
- يفضل أن تكون الخطوة الأولى محاولة تغيير الروتين من نوع الكلام أو الأنشطة المشتركة وحتى الأماكن التي يتم زيارتها معاً دون إشعار الطرف الأخر، يؤكد لي أحد الرجال الموثوق رأيهم " أن نشاط المشي الذي بدأ يمارسه مع زوجته أنقذه من هذه الحالة " ، هو أخبرني بهذا عندما أخذت رأيه بما سأكتبه في هذا الموضوع.
- في حال تم إعلام الطرف الأخر يفضل منه أن لا يحاول الضغط خصوصاً بعد أن يتأكد أن الأمر هو " نفور قلوب" لا سبب له...هذه نقطة مهمة جداً كما ذكرنا سابقاً ونكررها لأهميتها.
- يفضل من الطرف الذي ينفر أن يتأخر بالمكاشفة ويحاول فقط استطلاع الرأي بمخاوفه أو ما يراه من سلبيات على دفعات وإن لم يكن مؤمنا بأن المخاوف والتوتر هو السبب، فقد يكون لدى الأخر تطمينات واقعية وقد يرغب بعمل تغيير ما.
- مسألة الإجازة بين الطرفين قد تكون حلاً أخيراً في حال فشلت المكاشفة والتطمينات وتغيير الروتين ، نتحدث عن فترة ليس فيها تواصل من أي نوع لأيام معدودة يخف فيها التوتر ويفكر الإنسان بشكل أوضح.
في النهاية تبقى الحلول لا حصر لها ... وكلي أمل بأن أكون استطعت توصيف حالة تنتشر ونحن لا نشعر فيها.