دعوة غريبة وعنوان مثير قد يستغرب البعض منه ومن تناوله في مقالة , ولكنه يثير إهتمام الاغلبية من الناس رجالا ً ونساء ً وإليك قارئي اللبيب التوضيح والتفسير لذلك من خلال التطرق السريع والإلمام ببعض جوانب محدودة من الموضوع إذ لا يسعني بمقالة مختصرة شمول كل ما يتعلق بذلك .
بداية ًفالدموع سوائل ملحية المذاق تخرج من العيون وبالتحديد من الغدد الدمعية وتذرف لمختلف الاسباب والدواعي وبمناسبات متباينة تصل للتضاد أحيان ًكما هو الحال في الافراح.
والدموع تعابير حقيقية لما يختلج النفس البشرية من مشاعر وردود أفعال نتيجة ما يحيط بنا من ظروف شتى فهي المتنفس , إن جاز التعبير , عن إنفعالات داخلية مفرحة كانت ام محزنة . والجدير ذكره ظهور علم جديد ألا وهو علم الدموع الذي إنعقد أول مؤتمر له عام 1985 في الولايات المتحدة الامريكية تحت شعار “إبك .. إبك تعش أكثر “.
تصنف الدموع مجازا ً كالتالي :
- دموع طبيعية:وهي الدموع الأساسية التي تفرزها العينين بكميات محدودة وبإستمرار لتساهم بترطيبهما وتسهيل حركتهما والاجفان ترمش 16 مرة بالدقيقة لتساعد على ذلك .
- دموع التهيج:التي تفرزها العينين بكميات كبيرة وبشكل سريع عند التعرض لمؤثرات خارجية كالغبار والشوائب والبصل والدخان .
- الدموع العاطفية:دموع الحزن وتشكل 75% ودموع الفرح التي تحتوي على نسبة كبيرة من البرولاكتين وتشكل 25% من مجموع الحالات.
وعموما ً فإن العينين تفرزان مللتر ونصف دموعا ًباليوم , أي مايعادل حوالي نصف لترمن الدموع سنويا . وإن إفراز الدموع يتناقص مع تقدم العمر وخاصة عند النساء في مرحلة سن اليأس .
وفي إحصاء طريف تبين أن النساء تبكي قرابة ال 64 مرة سنويا ً في الوقت الذي يبكي الرجل فيه 17 مرة فقط والعلم يفسر ذلك لوجود نسبة كبيرة من هرمون البرولاكتين لدى النساء مقارنة ً مع الرجال وللعلم فإن هذا الهرمون هو الذي يساعد على تكوين حليب الرضاعة وإفرازه .
مما تقدم يعرف البكاء بذرف الدمع من العينين ولو إن هذا التوصيف لا ينطبق على كل حالات خروج الدموع من المأقي . والبكاء أداء غريزي فطري وطبيعي رافق الإنسان منذ القدم ولا يستطيع دفعه . فالبكاء والضحك الطبيعيان عنصران أساسيان موحدان لجميع البشرية على سطح كوكبنا هذا .
للبكاء أسبابه ومسبباته كما له صنوفه ومواصفاته وبالإمكان تلخيصها إلى التالي :
1 . بكاء الحزن وتكون دمعته حارة والقلب حزين .
2 . بكاء الوجع والألام والجزع وهذا النوع يتفاوت من إنسان لأخر ويعتمد على شدة الألم وقابلية التحمل .
3 . بكاء الفزع والخوف والغضب .
4 . بكاء الفرح والسرور وتكون دمعته باردة والقلب فرحان لذا يقال “قرة عين”.
5 . بكاء الشكر والرضا والمحبة والشوق .
6 . بكاء الموافقة عندما يبكي الشخص مع الباكين .
7 . البكاء المستعار وأقرب مثل عليه هو بكاء النائحة .
8 . بكاء النفاق وفيه تدمع العين ظاهرا ًوالقلب قاس .
9 . بكاء الرحمة والرقة والمحبة والشوق والشكر والرضا . وقال المثل : من لا يعرف الدموع لا يعرف الرحمة .
وخير كل ماتقدم ذكره هو البكاء من خشية الله , فإنه يقربنا من الرب الجليل ويلين القلب ويغسله ويذهب عنه الأدران .
وقد مدح الباريء عز وجل البكائين في القرأن الكريم إذ قال عز من قائل :
بسم الله الرحمن الرحيم
- “ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً ” الأية 109 من سورة الإسراء .
- وفي سورة مريم الاية 58 قال سبحانه ” إذا تتلى عليهم أيات الرحمن خروا سجدا ً وبكيا”.
صدق الله العلي العظيم.
وعن رسول الله صلوات الله عليه وعلى أله قال :
- “عينان لا تمسهما النار عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله”.
- سبعة يظلهم الله يوم لا ظل إلا ظله ….. وذكر منهم ” ورجل ذكر الله خاليا ً ففاضت عيناه “.
- ولنا إسوة حسنة بالرسول (ص) بكائه عند وفاة ولده إذ قال :
“تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون”.
وصدق رسول الله صلى الله عليه واله وسلم .
وهناك حالة أخرى تصادفنا وهي جفاف العين أو العين الجافة وهي العين التي لا تفرز القدر الكافي والمطلوب من الدموع الطبيعية لترطيبها ومن أعراضها إحمرار وحرقان وحكة شديدة في العين وسرعة تهيجها من الدخان والهواء ووجود خيوط مخاطية التركيب حول العين وداخلها ومن المفارقات إن أحد اعراض جفاف العين هو إفراز كميات كبيرة من الدموع لتلافي الجفاف الحاصل .
اما أسباب جفاف العين فمتعددة شملت :
- بعض الإلتهابات العينية , التعرض للأجواء الحارة , والتقدم في العمر .
- مشاهدة التلفاز والكمبيوتر الطويلة ونقص فيتامين A .
- الإفراط بتناول بعض الأدوية كمدرات البول ومضادات الحساسية والأقراص المهدئة,المنومة و المسكنة وقسما ً من أدوية الضغط الدموي .
- إنسداد القناة الدمعية.
وعلاج جفاف العين يتلخص بإستعمال قطرات الدموع الإصطناعية او التداخل الجراحي .
بقي أن نتسائل هل البكاء دواء أم داء ….؟
أن البكاء دليل صحة لا سقم إن كان معتدلا ً ومعقولا ً وبدواعي أيجابية وإلا فالبكاء المتواصل ولأقل واتفه الاسباب يمكن ان يكون علامة ومؤشر للإضطرابات النفسية والإكتئاب .
فوائد البكاء الصحية:
1 . البكاء وقاية وشفاء لكثير من الامراض حيث إنه يجلب الراحة النفسية ويفرغ الشحنات الضارة المسببة لمختلف الامراض الجسدية والعضوية وعلى سبيل المثال لا الحصر إرتفاع الضغط الدموي والإصابة بداء السكري وما تسببانه من مضاعفات خطيرة.
2 . البكاء يخلص الجسم من مواد سامة وضارة تفرز عادة حين الإنفعالات وتتزامن معها وقد أثبتت الأبحاث التي اجريت في جامعة ميتسونا صحة هذه الحقيقة.
3 . يجلي البكاء العينين وينظفهما ويخلصهما من كثير من الجراثيم والاجسام الضارة إضافة إلى السموم التي تخرج مع الدموع أساسا ً .
4 . يزيد البكاء من ضربات القلب وهو بذلك يحسن وينشط الدورة الدموية.
5 . يوسع البكاء الرئتين وهو تمرين لعضلات الحجاب الحاجز والصدر .
6 . البكاء وقاية وعلاج للكثير من الامراض النفسية إذ ان كثيرا ً من الألام والأهات والاحزان والغضب تسيل مع الدموع .
والجدير بالذكر أن الإنسان ليس الكائن الوحيد بين المخلوقات الحية الذي يبكي فهناك الكثير من الحيوانات والنباتات تبكي أو تذرف الدموع .